حين تُعطى المفاتيحُ بلا دمٍ، يعودُ الدمُ ليأخذَها.
وهذه غرناطةُ...
سقطتْ لا لأنّها ضعيفة، بل لأنّها صدّقَتْ مَن لبسَ الوعدَ دِرعًا، وأخفى الخنجرَ في الطّيّات...

            ★★★

حين أَسْقَطَ السَّيْف - 1
الحكايةُ الأولى: "مِفْتَاحُ غِرْنَاطَة"

أرخى القصرُ وِشاحَه،
وسقطتْ ظِلالُ النّخيلِ على بلاطٍ خائف،
حينَ تَقدَّمَ "أبو عبدِ اللهِ الصّغير"،
يَحمِلُ مِفتاحًا
أثقلَ من سَلاسِلِه القادمةِ.

قالوا:
"أمانٌ يا أمير،
وسلامٌ لِعهدٍ جديد!"
فصدّق.
كأنَّ السيوفَ يمكنُها أن تتقاعد،
وكأنَّ القِلاعَ تُخلَى بالهَمْس.

غِرْنَاطَةُ كانتْ تُنصِتُ مِن وراءِ الجبال،
تَحبسُ أنفاسَ نَوافيرِها،
والعصافيرُ تُدَوِّنُ على أغصانِ الزّيتونِ وَصِيّةً:
"لا تُسلِّموا مفاتيحَ الرُّوح... وإنْ ضاقتِ السّاحات!"

لكنّهم فَتحوا الباب...
فَتحوه كما تُفتحُ نافذةٌ لذِئبٍ يَعزفُ على النّاي.
وفي اليومِ التالي
اختفى الأذان،
احترقَتِ الكُتب،
وبكى الحرفُ على صفحاتٍ
صارَت طعامًا لِنيرانِ العقيدة.

"إيزابيلا" لم تُوقِّعْ على الوعدِ بالحِبر،
بل بِظلِّ حبلِ المِشنقة.
و"فرديناند" ما قبَّلَ المفتاح،
بل خَبَّأَهُ في خوذةٍ
فوقَ رأسِ جنديٍّ سكران.

أمّا الأمير...
فبكى.
كما تبكي النّساء.
قالتْ له أمُّه:

> "اِبكِ كالنساءِ، مَلكًا لمْ تحفظْهُ كالرجالِ."

لكنّنا،
نحنُ الّذين تأخَّرنا عن الرّكوع،
نكتُبُ اليومَ على جدارِ تلك القلعةِ:
الخيانةُ لا تبدأُ بالخنجر، بل بالكفِّ المفتوحة.
والذّبحُ لا يقعُ في المعركة... بل عندَ السّلام.

✍️ محمّد الحسيني – لبنان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة