"الحب: ستر لا شكوى"

في رحاب المشاعر الإنسانية يظل الحب أسماها وأعمقها
لكن فهمنا لطبيعته الحقيقية قد يتشوه أحيانًا
فكثيرًا ما نخلط بين الحب الصادق وبين الحاجة إلى التنفيس عن الألم متناسين أن جوهر العشق يكمن في العطاء والراحة لا في إثقال كاهل من نحب.
كم طالعتنا دواوين الشعراء وكم سمعنا من قصص العشاق
وهم يئنون من وحشة الفراق ويشكون مرارة البعد
متمنين الوصول إلى المحبوب ليبثوا إليه آلامهم ويمسحوا دموعهم.

ولكن أليس من غير اللائق أن نُثقل كاهل من نحب بشكوانا؟ أن نُورثهم حزننا وألمنا؟ فكيف يكون هذا حبًا حقيقيًا
ونحن نسعى لإيلام قلوبهم وجرح مشاعرهم؟
إن الحب الصادق لا يرتضي أن يكون مصدرًا للألم لمن نحب.

فإن كنت صادقًا في حبك فلا تبثّ شكواك لمن تحب فتُحزنه ولا حتى لعدوك فيشمت بك
بل عليك أن تتظاهر أمام من تحب بأن كل شيء على ما يرام لتُريح قلبه وتُبقي على حبه لك.

وهذا ينطبق بشكل خاص على أقرب الناس إليك: الآب والأم والزوجة فهم يتألمون لألمك والحزن لا يليق بمن تحب
بل الواجب أن تُشعرهم بالسعادة والطمأنينة وعليك أيضًا أن تبادر أنت بالسؤال عن حالهم
وتشاركهم أفراحهم وتواسيهم في أحزانهم.

وأخص بالذكر هنا الزوجة فهي لا تستحق أن تحزن
فمهمتها في بيتك ليست أن تحمل أعباء أحزانك
بل أن تحمل عنها أحزانها فالنساء بطبيعتهن رقيقات فلا تزد من حزنها وألمها
إن معنى كونها "سكنًا" هو سكن المحبة والرحمة وهي التي تسكن إليك وتبث لك أحزانها لتواسيها وتخفف عنها
لا أن تُحمّلها ثقل أحزانك وهموم حياتك سواء بقصد أو بغير قصد.

ختاما
ليكن حبنا إذن ملاذًا آمنًا وراحة للقلب
لا عبئًا يضاف إلى أعباء الحياة فالحب الحقيقي يستر الألم ويُشيع الطمأنينة. ويُعلي من شأن من نحب، جاعلًا منهم مصدر سعادة لا شريكًا في الشقاء.

---
🖋️/ يعقوب أحمد ناصر الناصري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة